responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 19
الْإِيجَازَ الْمُخِلَّ

وَالْإِطْنَابَ الْمُمِلَّ، حِرْصًا عَلَى التَّقْرِيبِ لِفَهْمِ قَاصِدِهِ وَالْحُصُولِ عَلَى فَوَائِدِهِ، لِيَكْتَفِيَ بِهِ الْمُبْتَدِئُ عَنْ الْمُطَالَعَةِ فِي غَيْرِهِ، وَالْمُتَوَسِّطُ عَنْ الْمُرَاجَعَةِ لِغَيْرِهِ.

فَإِنِّي مُؤَمِّلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْكِتَابَ عُمْدَةً وَمَرْجِعًا بِبَرَكَةِ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ؛ فَمَا كُلُّ مَنْ صَنَّفَ أَجَادَ، وَلَا كُلُّ مَنْ قَالَ وَفَى بِالْمُرَادِ، وَالْفَضْلُ مَوَاهِبُ وَالنَّاسُ فِي الْفُنُونِ مَرَاتِبُ، وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْفَضَائِلِ، وَقَدْ تَظْفَرُ الْأَوَاخِرُ بِمَا تَرَكَتْهُ الْأَوَائِلُ وَكَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ.

وَكَمْ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَهُ وَانْدَفَعَ بِقَوْلِهِ الْمُضِرَّ مَا يُقَالُ الْإِيجَازُ لَا يُوصَفُ بِالْإِخْلَالِ. اهـ. م د. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِشَرْحٍ أَوْ اسْتِئْنَافِيَّةٌ.

[مَبْحَثُ تَعْرِيفِ الْجِنَاسِ اللَّاحِقِ]
ِ قَوْلُهُ وَالْإِطْنَابَ الْمُمِلَّ أَيْ الْإِكْثَارَ الْمُوقِعَ فِي السَّآمَةِ وَبَيْنَ مُخِلٍّ وَمُمِلٍّ الْجِنَاسُ اللَّاحِقُ وَهُوَ اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ فِي حَرْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْ الْمَخْرَجِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى: 10] وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ الْمُسَمَّاةَ بِالْمُسَاوَاةِ وَهِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الْمُرَادِ بِلَفْظٍ مُسَاوٍ لَهُ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ نَفْيُهَا بَلْ لَا تَكَادُ تُوجَدُ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ أَدَاءُ الْمَقْصُودِ بِعِبَارَةِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ الْأَوْسَاطِ وَلَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَهُمْ تَحْدِيدًا. وَقَوْلُهُ: (حِرْصًا) أَيْ لِأَجْلِ الْحِرْصِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أُجَافِي.
قَوْلُهُ: (لِفَهْمِ قَاصِدِهِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ أَيْ كُلَّ مَنْ قَصَدَهُ. وَاعْتَرَضَهُ ق ل بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ إبْدَالُ الْفَهْمِ بِالْحِفْظِ، إذْ يُبْسَطُ الْكَلَامُ لِيُفْهَمَ وَيُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ. وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لَا يَرِدُ أَصْلًا لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِتَرْكِ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ لَا يُنَافِي أَنَّ الشَّرْحَ مَبْسُوطٌ فَيُفْهَمُ لِأَنَّ الْفَهْمَ هُوَ الْغَرَضُ مِنْ الشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: (وَالْحُصُولِ) عَطْفٌ عَلَى فَهْمٍ وَهُوَ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، بَلْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ أَيْ حِرْصًا عَلَى التَّقْرِيبِ وَحِرْصًا عَلَى الْحُصُولِ وَضَمَّنَهُ مَعْنَى الْوُقُوفِ فَعَدَّاهُ بِعَلَى أَيْ الْوُقُوفِ عَلَى فَوَائِدِهِ. وَقَوْلُهُ: (لِيَكْتَفِيَ) عِلَّةٌ لِلتَّقْرِيبِ أَوْ الْحُصُولِ أَوْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِأُجَافِيَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حِرْصًا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ فَيَكُونُ تَدْقِيقًا شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (الْمُبْتَدِئُ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ: (وَالْمُتَوَسِّطُ) وَهُوَ مَنْ قَدَرَ عَلَى التَّصْوِيرِ فَقَطْ، وَسَكَتَ عَنْ الْمُنْتَهِي تَوَاضُعًا وَهَضْمًا لِنَفْسِهِ.

[مَبْحَثُ الرَّجَاءِ وَالْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي وَالطَّمَعِ]
ِ قَوْلُهُ: (فَإِنِّي) أَيْ لِأَنِّي فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِيَكْتَفِيَ وَقَوْلُهُ: (مُؤَمِّلٌ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ رَاجٍ. فَالرَّجَاءُ وَالْأَمَلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِمَرْغُوبٍ فِيهِ مَعَ الْأَخْذِ فِي أَسْبَابِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي الْأَسْبَابِ فَطَمَعٌ وَقِيلَ الْأَمَلُ رَجَاءُ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ كَطُولِ عُمْرٍ وَزِيَادَةِ غِنًى وَالرَّجَاءُ أَعَمُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمَلِ وَالتَّمَنِّي أَنَّ الْأَمَلَ طَلَبُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ سَبَبٌ وَالتَّمَنِّي طَلَبُ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ سَبَبٌ وَقِيلَ لَا يَنْفَكُّ الْإِنْسَانُ عَنْ أَمَلٍ فَإِنْ فَاتَهُ مَا أَمَّلَهُ عَوَّلَ عَلَى التَّمَنِّي.
وَقَوْلُهُ: (عُمْدَةً) أَيْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ. وَقَوْلُهُ: (وَمَرْجِعًا) أَيْ يُرْجَعُ إلَيْهِ مُطْلَقًا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ وَعَكْسٌ ق ل. وَعِبَارَتُهُ الْعُمْدَةُ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْإِفْتَاءِ وَالْعَمَلِ أَيْ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْمَرْجِعُ مَا يُرْجَعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَطْفُ تَفْسِيرٍ انْتَهَتْ: قَوْلُهُ: (بِبَرَكَةِ) هِيَ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ بِالْمَدِّ وَفِي الِاصْطِلَاحِ ثُبُوتُ الْخَيْرِ الْإِلَهِيِّ فِي الشَّيْءِ.
قَوْلُهُ: (الْكَرِيمِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْأَكْرَمِ وَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 3] فَمَا وَقَعَ فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ عَدَمِ وُرُودِهِ سَهْوٌ، ثُمَّ هُوَ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ بِأَنْ يَقُولَ بِبَرَكَتِهِ لِلتَّلَذُّذِ وَالسَّجْعِ. قَوْلُهُ: (فَمَا كُلُّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْكِتَابَ عُمْدَةً وَمَرْجِعًا كَأَنَّهُ قِيلَ: وَإِنَّمَا أَمَّلْت ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ شُرُوحٍ غَيْرِهِ، لِأَنَّ مَا كُلُّ مَنْ صَنَّفَ إلَخْ. وَقَالَ الْمَدَابِغِيُّ: وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ هَذَا الْكِتَابَ عَلَيْهِ شُرُوحٌ كَثِيرَةٌ فَلَا حَاجَةَ لِشَرْحِك.
قَوْلُهُ: (وَفَى) بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِهَا قَوْلُهُ: (وَالْفَضْلُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَأَنَا أَجَدْت فِي تَأْلِيفِي وَوَفَيْت بِالْمُرَادِ، لِأَنَّ الْفَضْلَ مَوَاهِبُ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ) هَذِهِ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست